Famous People   -   أشهر رؤساء قبيلة الجاف
ظاهر بگ الجاف

ظاهر بگ بن يار احمد بگ بن سيف الله بگ (( المولود سنة 1114 هـ )) هو الجد الاكبر للجاف القاطنين في كوردستان العراق (( الجاف المرادي )) واحد الرؤساء الكبار لهذه القبيلة . وقد عرف هذا الامير القبلي الشهير بشجاعته وارادته القوية وجراته في اتخاذ القرارات الهامة والصعبة ، حيث نزح مع اربعمائة اسرة من قومه من موطنهم الاصلي (( جوانرود )) في عهد نادرشاه افشار كما هو مرجح (( عام 1155 هـ)) الى الضفة الغربية لنهر سيروان عند موقعي دزياييش وباني خيلان قرب بلدة دربنديخان الحالية (( ضمن حدود البابانيين)) للاسباب التي ذكرت سابقا ، فاستقر هناك . واشاعوا الامن والاستقرار ونجحوا في القضاء على اللصوص والعابثين بالامن هناك . ثم استمر الكثيرون من اهلهم في جوانرود باللحاق بهم ، فازدادوا قوة ونفوذا في موطنهم الجديد حيث تمتعوا بحظوتهم وتقديرهم لدى البابانيين (( وعاصمتهم السليمانية )) الذين منحوهم املاك واسعة بلغت سهول شهرزور . وفي تلك الظروف شن خان احمد خان الاردلاني مع جيش مؤلف من الفي مقاتل حملتهم على المنطقة فاحدثوا السلب والخراب ، ولما وصلوا قرب موقع دربنديخان الحالي تصدى لهم ظاهر بگ ومقاتلوه فدارت بين الطرفين معركة شرسة انتهت بغلبة المهاجمين تبعا لعددهم وعدتهم وحسن تدبيرهم . واعدم ظاهر بگ الذي اسره الغزاة بتعليقه بفرع شجرة (( سميت بشجرة ظاهر بگ )) وذلك جراء الخسائرالفادحة التي لحقت بهم في المعركة .وبمقتله فقد الجاف زعيمهم البارز، فتشتت شملهم وضعفت قوتهم، فرحل طاهر بگ شقيق ظاهر بگ الى الشام مع بعض اقاربه فاستقروا هناك ، فيما واجه عبد القادر بگ نجل ظاهر بگ ووريثه في رئاسة القوم ظروفا صعبة للغاية الى ان استطاع بصبره وتجلده وارادته الحديدية ان يوحد قبيلته من جديد ويعيد لها قوتها وهيبتها في ظرف عصيب ، فتنامت حظوتهم لدى البابانيين اكثر فاكثر وامتلكوا المزيد من المراعي والاراضي في شهرزور شمالا وگه رميان جنوبا .

ومن بعد عبد القادر بگ آلت رئاسة الجاف الى شقيقه سليمان بگ الذي حافظ على وحدة وقوة الجاف واعد جيشا منظما منهم .كما اهتم بطرق المواصلات وتطويرها وشيد الجسور والخانات لخدمة القوافل والمسافرين واستمر يخدم قومه والمنطقة باخلاص الى ان توفي عام 1220هـ .

عبد القادربگ

سليمان بگ بن ظاهر بگ بعد مقتل والده بأمر من سليم پاشا بابان عين حاكما على منطقة بانى خيلان ودزيايش وشهرزور و حلبجه ووحد جميع الطوايف قبيلة الجاف وشكل جيشا منظما ، و بنا جسورا ومضايف للمسافرين فى الطرق الرئيسية وكان الناس ينعمون برفاهية فى عهده الى ان توفى فى سنة 1120 هجرى و كان له ولدان باسم قادر بگ و كي خسرو بگ .

سليمان بگ الجاف

تولى كيخسرو بگ رئاسة الجاف وادارة شؤون شهرزور وحلبجة خلفا لوالده الراحل سليمان بگ وبناء على وصيته ، فوفق بحكمته وحنكته وحسن ادارته وشجاعته ودماثة خلقه وورعه في فرض احترامه وسلطته على منطقة نفوذه وتعزيز هيبة قبيلته المتنامية ، وعرف بهيبته لدى البابانيين وحضوته لدى فتح علي خان القاجاري شاه ايران . كما اتخذ موقفا اتسم بكثير من الحكمة والحزم حيال محاولات البابانيين الرامية الى التدخل في شؤون قبيلته فادى ذلك الى فتور العلاقة بين الجانبين . في عام 1820 زار المقيم البريطاني في بغداد والرحالة والباحث المستر ريج و اصحابه ، وضمن جولتهم في كوردستان ، زاروا مضارب كيخسرو بگ وقومه عند بحيرة (( زريبار )) الجميلة في سهوب مريوان فقوبلوا بمنتهى الحفاوة والود من قبل كيخسرو بگ واولاده وحاشيته فترك ذلك اعظم الاثر في نفوس الضيوف وخاصة ريج الذي ابدى اعجابه بحكمته وجاذبية كيخسرو بگ وبطابع حياة قبيلته الرحالة وهيبة افرادها كما اثنى على علو شأن نساء الجاف وبأسهن وحريتهن الظاهرة ، موضحا ان فرسانهم يشكلون افضل مقاتلي الكورد ومقدرا قوتهم القتالية بالفي فارس واربعة الاف مشاة (( تفنگچی )) . توفي كيخسرو بگ عام 1244هـ ودفن في منطقة سيد صادق ، وبوفاته فقد ابناء قبيلته اميرا نابغا ،غير ان ابنه الاصغر محمد بگ (( محمد پاشا فيما بعد )) الذي اختاره رؤساء عشائر الجاف رئيسا لهم عقب وفاة اخوانه وهو مايزال فتى يافعا ، تمكن من التمسك بزمام الامور تماما والبروز والتالق بشكل مثير للإعجاب .

كه ي خسروبگ الجاف

محمد پاشا الجاف

كما أشرنا ، توفي ألأمير كيخسرو بگ عام 1244 هـ وبوفاته فقدت قبيلة الجاف أميرا قبليا نابغا مخلفة في رئاسة الجاف من بعده أولاده سليمان ثم قادر ثم محمد (( المولود عام 1814 م )) والذي تسلم زعامة قومه وهو ما يزال فتى يافعا (( في سن الثامنة عشرة كما رجح محمد أمين زكي بگ )) فتمكن بذكائه وشجاعته من التمسك بزمام الأمور تماما رغم صغر سنه وأن يوحد أبناء الجاف الى حد كبير جاعلا منهم قوة مهابة أثارت إهتمام الدولتين العثمانية والفارسية اللتين كانتا على حذر شديد منه ، فعملت الدولتان على كسب ولائه مع قبيلته اليهما تبعا لمقتضيات مصالحهما وظروف الصراع الدائر بينهما على حدودهما المشتركة . بيد أن الزعيم القبلي الشاب الطموح ، لم يشأ الخضوع للترك والفرس قط ، كما أنه سلك موقفا صلبا من تدخلات البابانين في شؤون قبيلته ، فحدثت القطيعة بين الجانبين ، وعلى إثرها رحل الجاف وزعيمهم الى حدود إمارة أردلان (( كوردستان الشرقية )) فمكثوا هناك ردحا من الزمن قبل أن يعودوا ويستقروا عند قزلرباط (( السعدية )) في رعاية العثمانيين الى أن تصالح معهم أحمد پاشا (( آخر أمراء بابان المستقلين )) إنطلاقا من قناعته الراسخة بضرورة إرضاء قبيلة الجاف واستمالته وكسب ولائهم ، فعادوا الى شهرزور مجددا . منح العثمانيون محمد بگ لقب الپاشا عام (( 1851 م )) واستمر نفوذه بالتنامي داخل وخارج نطاق قبيلته التي ظل على خطى والده الراحل مواظبا مصالحها أثناء هجراتها الموسمية المتواصلة بين سهوب گه رميان (( في كوردستان الجنوبية )) جنوبا وأطراف سنه / سنندج (( في كوردستان الشرقية )) شمالا . وفي عام 1282 هـ شرع محمد پاشا ببناء قلعة شيروانة (( في كلار )) والتي غدت رمزا لقوة وأبهة بانيها وقبيلته الكبيرة الرحالة . وبمرور الزمن إزدادت ريبة العثمانيين من محمد پاشا وسلطته وطموحاته وهيبة قبيلته (( المتنامية )) فقرروا وضع حد لتنقلات الجاف وطابع حياتهم شبه المستقـل الذي عرفوا له طويلا .

ولتحقيق ذلك طلبوا من محمد پاشا شراء وإستملاك الأراضي الزراعية في شهرزور بهدف إسكان الجاف فيها بشكل دائم والكف عن حياة التنقل عبر الحدود (( العراق وإيران )) لكن الپاشا الفطن أدرك بحدسه الصائب أن الهدف من ذلك الإجراء هو القضاء على حرية وسلطة قومه ، فرفض مقترح العثمانيين بهذا الشأن رفضا قاطعا . ثم أضطر الباشا وأغلب أبناء قومه نتيجة لذلك الموقف الرحيل نحو الحدود الإيرانية فقوبلوا بمنتهى الحفاوة والتكريم من لدن القاجاريين وحافظوا هناك على طابع حلهم وترحالهم بين زهاب وجوانرود صيفا وشتاء. وفي عام 1291 هـ منح محمد پاشا لقب (( خان )) الرفيع من قبل الشاه ناصر الدين القاجاري الذي تسنى لزعيم الجاف زيارته ومقابلته في طهران مرتين حيث حظي عنده خلالهما باللطف والرعاية ، كما تم تعيينه حاكما لمنطقة زهاب ، و ابنه عثمان (( عثمان پاشا فيما بعد )) حاكما لجوانرود .

قلعة شيروانه

وفي تلك الفترة اختار محمد پاشا منطقة جوانرود مصيفا له ومنطقة زهاب مشتى له (( مشاهير الكورد وكوردستان ج/2 ص /258 )) وبعد إنقضاء ثلاث سنوات على إقامتهم هناك بدأت علاقاتهم تسوء مع القاجاريين الذين قرروا وضع حد لنشاطات الجاف وتجاوزاتهم المتصاعدة على حدودهم مع العثمانيين فخططوا لاخضاعهم وإحتوائهم عن طريق إسكانهم ووضع نهاية لتنقلاتهم وتحركاتهم المستمرة .

لكن مخططهم ذلك قوبل بالرفض من قبل الجاف و زعيمهم الذين تحملوا بسبب ذلك أعباء نزاعات دامية مع قوات القاجاريين ، فعادوا أدراجهم صوب وطنهم بعد وساطات وإتصالات جرت مع العثمانيين الذين أحسنوا إستقبالهم في بداية الأمر وفقا لأغراضهم ومقاصدهم الخاصة وبهدف تطمينه فقد عينوه وكيلا لمتصرف السليمانية ، ويبدو أن وظيفته تلك صادفت الفترة التي عمل فيها إبراهيم پاشا وثابت پاشا العثماني متصرفين في السليمانية (( سنة 1294 هـ )) ثم عينوه قائمقاما لحلبجة (( تاريخ السليمانية ص/ 183)) . ولم تمض فترة طويلة على ذلك حتى عاد العثمانيون الى نهجهم السلبي السابق في تعاملهم معهم (( أي مع الجاف )) ورئيسهم ، فحرضوا عزيز شاويس رئيس فرع الكرم ويس ، وهو من أفخاذ الجاف ، على تحدي سلطات محمد پاشا والتجاوز على صلاحياته وأوامره الادارية كقائمقام لحلبجة وعليه أمر زعيم الجاف بحبس عزيز ، فقضى نحبه بعد فترة من سجنه متأثرا بأعراض مرضه (( ذات الرئة )) . فاستغل خصوم الپاشا ولا سيما بعض المسؤولين العثمانيين ، الحادث وأشاعوا بان عزيز مات مسموما في السجن بإيعاز من سجانه محمد پاشا ، فقرر أتباعه وأقاربه الإنتقام لرئيسهم ووجدوا فرصتهم الى ذلك عام 1299 هـ عندما إستغل بعضهم وجود محمد پاشا في رحلة صيد مع قلة من حراسه ، في موقع قريب من كفري (( عند إبراهيم سمين )) فغدروا به وصرعوه ثم لاذوا مع سائر الكرم ويس بديار الهموند عند جمجمال مستنجدين بزعيمهم (( أي زعيم الهموند )) جوامير آغا الذي آواهم على مضض ، فاضطر جوامير إلى مقاتلة الجاف الذين هبوا لملاحقة القتلة والثأر لدم زعيمهم المغدور . ومن جانبه وقف المسؤولون العثمانيون في ذلك الظرف موقفا يتسم بقدر كبير من الإزدواجية والخبث . فهم ساهموا كثيرا في خلق تلك الأزمة التي أودت بحياة زعيم الجاف على أيدي نفر من قبيلته ( أي الكرم ويس ) ثم انقلبوا على هؤلاء متظاهرين بدعم الجاف حفاظا على سمعتهم ومصداقيتهم كون المغدور هو أحد باشواتهم وموظفيهم الكبار ، كما استغلوا الحادث من جانب آخر للتخلص من جوامير الهموند الذين كانوا ناقمين عليه بسبب نفوذه وسلطته وموقف قبيلته منهم .

فرمان ، بموجبه عُين محمد پاشا الجاف حاكماً لإمارة زهاب و جميع المناطق الحدوديةالإيرانية العثمانية( شهر شوال المكرم سنة 1291 )

فرمان ، بموجبه أهدا ناصرالد ين شاه قاجار مقاطعة زهاب الى محمد پاشا الجاف

وعقب مصرع محمد پاشا تسلم نجله الأكبر محمود بگ (( محمود پاشا فيما بعد )) رئاسة قومه خلفا لوالده الراحل فوفق مع أفراد قبيلته في الثأر له حيث طاردوا الهموند والكرم ويس عبر نهر سيروان بعد معارك ضارية ، ثم واصلوا حملتهم عليهم حتى الحدود الإيرانية فأبيد معظم الكرم ويس الذين لاذ الناجون منهم بمناطق كرمنشاه وكرند ، فيما لجأ جوامير وأتباعه صوب زهاب فقوبلوا بالدعم والترحاب من لدن القاجريين الذين انقلبوا عليهم لاحقا .

معركة قبيلة الجاف مع هموند فى منطقة جمجمال قرب مدينة كركوك

قلعة شيروانه – المقر الشتوى لـ محمد پاشا الجاف

محمود پاشا الجاف

تسلم محمود پاشا الجاف النجل الاكبر لمحمد پاشا الجاف رئاسة قبيلته خلفا لوالده المغدور ، فتمكن من الاخذ بثأره ومن ثم توطيد وتعزيز مكانه وهيبة قبيلته الجاف كثيرا والبروز من جانبه كشخصية وطنية وقومية بارزة ومقتدرة الى حد كبير . ولد محمود پاشا الجاف عام 1846 وقد نال منذ صغره وفي كنف اسرته النبيلة قدرا معقولا من التعليم عند الاستاذ الملا مؤمن الذي درسه المناهج التعليمية السائدة ، فتعلم الفارسية ونزرا من العربية ، ثم تمكن من اتقان اللغة التركية من خلال اختلاطه بالمسؤولين الترك ، هذا اضافة الى شغفه الكبير بالاشعار الكوردية والفارسية ومقدرته نظم الاشعار بهاتين اللغتين . لعب محمود پاشا الجاف دورا مهما ومشهودا في مسيرة قبيلة الجاف وتوسيع ديرتها في عهد والده محمد پاشا الجاف ، اذ استغل فرصة بقائه في العراق اثناء وجود والده ومعظم افراد قبيلته في ايران (( منذ عام 1290هـ )) مستفيدا من قانون (( الطابو )) الجديد كي يشتري مساحات شاسعة من الاراضي الزراعية الخصبة وتسجيلها باسمه اعتمادا على امكاناته الذاتية والمبالغ الي دأب والده على ارسالها اليه من ايران لذلك الغرض . وكانت مقاطعة السعدية (( قزلرباط )) التي عرضت للبيع بالمزاد ، ضمن الاملاك التي اشتراها محمود پاشا بعد ان باع من اجلها الكثير من خيوله ومواشيه ومصوغات عائلته فدفع مقابلها مبلغا ضخما قدره عشرة الاف وخمسمائة ليرة ذهبية وبذلك امتدت ممتلكات الجاف من مشارف حمرين الى المناطق الحدودية المتاخمة لپنجوين شمالا . وعندما اغتيل والده كما اسلفنا ، حرص محمود پاشا على ادامة نهجه (( أي نهج والده )) القويم ، في الحياة فظل وريثا مخلصا لتطلعاته القومية وطموحاته الشخصية الواسعة وسجاياه القبلية الاصيلة ، وقد حرص العثمانيون الذين سلموه مسؤوليات والده الادارية والقبلية ومنحوه لقب الپاشا على استمالته وكسب وده اليهم ، كما منحه الشاه القاجاري مظفر الدين شاه لاحقا لقب الخان الرفيع وسيفا مرصعا ثمينا في (( 22 شعبان 1320هـ )) .

ولعل ما اشار اليه باسيل نيكيتين من ان محمود پاشا الجاف رئيس قبيلة الجاف له من الامكانية والقدرة ما يتيح له ان يجمع خلال ساعات معدودة اربعة الاف مقاتل من افراد قبيلته (( باسيل نيكيتين : الاكراد ص167-169 )) وماذكره ميرزا محمود خان ، احتشام السلطنة في مذكراته (( تاريخ مردوخ ج2 ، ص 230)) ، من ان محمود پاشا الجاف على رأس خمسة الاف اسرة مسلحة وبانه لايخضع للسلطة العثمانية ولا للسلطة القاجارية وايضا ما افاد به الحاج توفيق پيره ميرد من ان محمود پاشا كان من العظمة بحيث يرسل له والى الى كرمانشاه الحطب والوقود الى (( قلعة شيروانة )) و(( كاني چقل )) مركز اقامته (( جريدة زيان ، العدد 499 ، السنة 1936 )) ، لهو خير دليل على ماكان يتمتع به هذا الپاشا الفذ من نفوذ واقتدار فلم يكن غريبا ان تحاول الدولتان القاجارية والعثمانية على استمالته وكسب قبيلته الى جانبهما . غير ان محمود پاشا المتذمر من سياسات الترك والفرس معا تجاه شعبه وقبيلته لم يثق بهؤلاء قط بل شرع بتنظيم قوة مسلحة كبيرة من قبيلته البالغة آنذاك 15 ألف اسرة رحالة ، فاثارذلك ريبة وقلق العثمانيين وخاصة عقب تزايد التقارير المغرضة التي رفعها خصوم محمود پاشا عنه الى السلطات العثمانية . لقد ذكر محمد امين زكي بكَ المؤرخ الكوردي المعروف ان محمود پاشا الجاف اتهم اخيرا بنزعته القومية التي جعلت الدولة العثمانية ترتاب في نواياه (( مشاهير الكورد وكوردستان ج2 ، ص 181 ، بغداد 1947 )) .وقد اثبتت الاحداث فعلا صدق هذا الارتياب . كما وقفت قبيلة الجاف بزعامة محمود پاشا الجاف ضد تشكيل فرسان الحميدية (( نسبة الى السلطان عبد الحميد )) وخلقت حالة من الفوضى والاضطراب على الحدود الايرانية العثمانية واقلقت الدولتين لفترة زمنية ، اضف الى ذلك ما كان بين محمود پاشا والدولة العثمانية من عدم صفاء على الدوام (( كيشه ى كورد ، م. لازاريف ، ترجمة د. كاوس قفطان ، ص 118 سنة 1989 )) . وبغية الحد من طموحاته ومساعيه المعادية ضدهم ودرء مخاطره المحدقة بمصالحهم في المنطقة قرر المسؤولون العثمانيون احتوائه وايقافه عند حده ، فارتات الاستانة اولا ارسال موفدها اليه (( الفريق نامق پاشا )) للتاكد من حقيقة موقفه عن قرب والتحقق من التقارير المرفوعة عنه ، فقوبل الضيف ببرود ظاهر في دار محمود باشا (( في حلبجة )) ، ثم ازداد الجفاء أكثر بين الضيف والمضيف عندما اعلن الاول من استيائه من قيام السلطان عبد الحميد بشراء مساحة شاسعة من اراضي شهرزور وتسجيلها باسمه ، معتبرا ان عملا كهذا لايليق بالسلطان فضلا عن انه يلحق افدح الاضرار بمصالح الجاف . وما ان غادر نامق پاشا دار محمود پاشا حتى استقبل في دار عثمان پاشا شقيق محمود پاشا بالود والاحترام . بعدما عاد نامق پاشا الى اسطنبول كتب تقريرا شديد التحامل على محمود پاشا الجاف ، مشيرا فيه الى انه جعل نفسه في مصاف السلطان عبد الحميد ويضمر السوء والشر له ويتعاون مع اعدائه وهو ضد الامن والاستقرار ، واصبح مضيفه وكرا لجميع الكورد المناوئين للسلطان . فقرر السلطان عام 1889 م ابعاده عن منطقة نفوذه بشكل لايثير أي اشكال اذ عينه بموجب فرمان سلطاني متصرفا لمحافظة (( اورفه )) التركية ومنحه لقب بگلربگ الرفيع (( منح هذا اللقب في العراق لاربعة اشخاص فقط هم : احمد پاشا بابان ، عبد القادر پاشا دياربكري ، محمود پاشا الجاف ، ابراهيم پاشا مسؤول الاراضي السنية )) ، كما عين شقيقه عثمان پاشا قائممقاما لحلبجة ورئيسا للجاف خلفا له . لم يرض محمود پاشا (( كما كان متوقعا )) بمنصبه الجديد والابتعاد عن مضارب قومه ، فقصد السلطان بهدف اقناعه بالعدول عن قراره لكن الاخير فرض عليه الاقامة الجبيرة في اسطنبول ، فازداد محمود پاشا سخطا وتذمرا منه وشرع يتصل بالتنظيمات السرية المعادية للسلطان التي ضمت نخبة من المثقفين الكورد والترك وبضمنهم الشيخ عبد الله النهري . افلح محود پاشا في الهرب من اسطنبول بصحبة تابعه الملا حمدي سنه يي على متن احدى السفن عبر البحر الاسود عام 1892 م ، بعد ان ترك خلفه في البريد رسالة موجهة الى السلطان ضمت اقسى واقذع العبارات ، ثم وصل وتابعه الى القفقاز فباكو في شهر تشرين الاول 1892 حيث تنكر في زي متسول واخذ صورة شخصية بهذه الهيئة كتب في حواشيها بالفارسية موجهة الى اهله في كوردستان العراق .

فرمان ، إهداء سيف مرصع من درجة أولى للياقة والشجاعة والدراية وهذا أرفع وسام إيرانى يهدى الى قائد من قبل مظفر الدين شاه قاجار

ثم راسل قيصر روسيا طالبا مساعدته بشأن اشعال نار الثورة ضد الوجود التركي في كوردستان ، لكن مسعاه خاب في خضم الاوضاع الداخلية المتردية السائدة في روسيا القيصرية ، فقرر العودة صوب الوطن فورا . اجتاز الپاشا بحر الخزر (( بحر قزوين )) ثم جاب الاراضي الايرانية نحو حدود پنجوين حيث قوبل بالترحاب والحفاوة من قبل اهله وقومه ، وفي تلك الاثناء أوعز السلطان عبد الحميد بتجريده من جميع القابه وامتيازاته وامر ولاته بوجوب ملاحقته وارساله اليه حيا او ميتا . عقد محمود پاشا ، بعد وصوله ارض الوطن بفترة وجيزة ، مؤتمرا موسعا لرؤساء ووجهاء المنطقة عند نهر زه لم ، كرس لمناهضة الحكم العثماني واقرار نوع من الاستقلال للكورد فاثار ذلك مخاوف السلطان كثيرا مما دفعه الى الاهتمام بالموضوع شخصيا عازما على القضاء عليه باية وسيلة ممكنة للخلاص من تمرده ونشاطاته المعادية ، فانطلقت في اعقابه وبامر السلطان قوة قوامها الف فارس مما اضطره الى الاحتماء بجبال زمناكو وشميران والتنقل عبر شهرزور ولعدة اشهر ، مفوتا على مطارديه فرصة القاء القبض عليه مرارا ، رغم الصعوبات التي لاقاها مع اتباعه القليلين الذين بقوا معه . وعندما بدات الوساطات لدى السلطان بقصد الصفح عنه رد بالقول القاطع ، لقد اقسمت على شنق محمود وسط اسطنبول ، لانه ارتكب بحقي خطيئة لا تغتفر لكن الحاح المقربين عليه بهذا الشأن جعله يعدل عن موقفه المتشدد ، فاعرب اخيرا عن استعداده للصفح عن محمود پاشا شريطة حضوره اليه في اسطنبول وهذا ما تحقق فعلا ، فامر السلطان باعادة القابه وامتيازاته ورئاسة الجاف اليه مجددا ، بينما ظل شقيقه عثمان پاشا محتفظا بمنصب قائممقام حلبجة . كذلك سلك محمود پاشا موقفا ضد الاتحاديين الترك فيما بعد ، لكن هذا لم يمنعه من مساعدتهم ضد الانكليز في العراق (( وتحديدا اثناء معركة الشعبية عام 1915 )) وذلك بدعوى الجهاد ضد الكفار ، وكذلك ساعد الترك ضد الروس في معركة قاتان قوري في منطقة سقز . وبعدما بسط الانكليز سيطرتهم على العراق وانطلاقا من سياستهم الهادفة لكسب رؤساء العشائر العراقية عامة والكوردية خاصة الى جانبهم توجه الميجر نوئل ، الحاكم السياسي الانكليزي في السليمانية لزيارة محمود پاشا الجاف في منطقة (( زه لم )) ليطلب منه العون للقوات الانكليزية ، ولما علم محمود پاشا بمجيئه لم يخرج لاستقباله ، بل لبس زي الباشاوية العثماني وبقى في خيمته ينتظر قدومه . وعندما رآه الميجر نوئل بهذه الهيئة ادى له التحية العسكرية ولم يجلس حتى طلب منه الپاشا الجلوس ، ودار بينهما الحوار الآتي : - الميجر نوئيل - هل يعلم محمودباشا سبب مجيئنا اليه ؟ محمود پاشا - لا علم لي بذلك ، حتى لو كنت اعلم ، فارجو ان اسمع شخصيا منكم . الميجر نوئيل - ان الحكومة الانكليزية تنوي خدمة منطقة كوردستان ومستعدة لمساعدة الشعب الكوردي وانقاذه من مظالم العثمانيين ، فتأمل الحكومة من الشخصيات والزعماء الاكراد من امثالكم معونتها وشد ازرها في هذه المهمة ، فما ردكم ؟ محمود پاشا : سيكون ردي بالنفي القاطع للاسباب التالية : أولا : ان اعتقادي ضعيف بصحة نواياكم تجاه الكورد ، واذا كان هدفكم خدمة الكورد وانقاذهم من المظالم كما تدعون ، فكونوا على ثقة انه حتى ان لم اكن معكم فهناك مئات من امثالي سيساعدونكم وستتكلل مساعيكم بالنجاح حتما . اما السبب الثاني : فاني مسلم وديني لايسمح لي بالتعاون معكم ضد اخواني في الدين . اما السبب الثالث : فهو شيخوختي وعجزي وعدم امكاني التحرك والنشاط . بعد هذه المقابلة بدا الانكليز بالضغط على محمود پاشا وشل حركته وفرض رسوم باهظة على افراد عشائره فلم يتمكن هو من مناوئتهم والتحرك ضدهم وذلك لشيخوخته ومرضه من جهة ، وسيطرة الانكليز على الموقف السياسي والعسكري في كوردستان العراق من جهة اخرى ، فقرر في تلك الظروف الاعتزال من رئاسة الجاف (( عام 1919 )) فآلت لابنه علي بگ الذي سرعان ما تركها لتؤول الى ابن عمه كريم بگ الجاف .

محمود پاشا الجاف فى طريقه من إسطنبول الى كردستان عراق متنكراً بزى متسول فى باكو – تشرين الأول – 1892 م

كريم بگ بن فتاح بگ بن محمد پاشا الجاف

ولد كريم بگ بن فتاح بگ بن محمد پاشا الجاف عام 1889 م في قرية گرده بان بمنطقة (( كاني چه قل )) ضمن گه رميان ثم ارسل فيما بعد الى بيت خاله عبد الرحمن اغا بن عبد الله اغا في السليمانية لغرض تعليمه ، فدرس هناك في رعاية خاله العلوم والمناهج الدينية . بعد وفاة والده (( سنة 1908 )) استلم كريم بگ مسؤولية ادارة املاك وشؤون اسرته خلفا لوالده وسكن في قلعة شيروانة (( القلعة التي بناها جده محمد پاشا الجاف )) وفي عام 1915 شارك مع عمه محمد علي بگ في معركة الشعبية ضد الانكَليز وفي سنة (( 1919 )) اصبح بصورة رسمية رئيسا لقبيلة الجاف فأدار امورها بامكانية عالية (( انظر ، مجلة گلاويز العدد 10 تموز 1949 )) . وظل كريم بگ مصاحبا لقبيلته في حلها وترحالها صيفا وشتاء الى ان استقر نهائيا في منتصف عهد العشرينات بقرية كلار القديمة التي غدت مركز رئاسة قبيلة الجاف فشهدت بسبب ذلك تطورات وانجازات كثيرة واتخذت شكل قصبة مزدهرة .

بذل كريم بگ جهودا كبيرة ابان عهد الاحتلال البريطاني للعراق ، من اجل رفعة شأن قبيلته والقيام بدورها اللائق في خضم الاحداث والظروف السائدة آنذاك ، ويظهر ذلك بجلاء في كتاب (( كورد ، تورك ، عرب )) الذائع لمؤلفه س.ج. ادموندز (( المسؤول البريطاني المعروف في العراق )) .

كريم بگ مع المندوب البريطاني

بذل كريم بگ جهودا كبيرة ابان عهد الاحتلال البريطاني للعراق ، من اجل رفعة شأن قبيلته والقيام بدورها اللائق في خضم الاحداث والظروف السائدة آنذاك ، ويظهر ذلك بجلاء في كتاب (( كورد ، تورك ، عرب )) الذائع لمؤلفه س.ج. ادموندز (( المسؤول البريطاني المعروف في العراق )) .

سلك كريم بگ موقفا وطنيا وقوميا مشهودا من نضالات وانتفاضات الشيخ محمود الحفيد فشارك الى جانبه (( ومعه شقيقه داود بگ ونجله محمد امين بگ والعشرات من مقاتلي الجاف )) في معركة ئاوباريك 1931 التي قاتلوا فيها ببسالة واقدام . كما عرف كريم بگ بدوره البارز في صفوف حزب هيوا حيث انضم معه العديد من افراد اسرته البگزاده الى صفوف هذا الحزب في اوائل الاربعينات وخدموا مسيرته النضالية كثيرا على صعيد گه رميان وكركوك ، وقد لعب كريم بگ دورا مؤثرا في انجاح المؤتمر الصالحي الذي عقده الحزب في كلار (( في دار داود بكَ )) عام 1944 . واجمالا اشتهر كريم بگ بكونه شخصية قبلية واجتماعية ووطنية وقومية مهيبة ولامعة وقد اتصفت بمؤهلات وسجايا رفيعة ولعب دورا مجيدا في احداث عصره وعلى صعيد خصاله الرفيعة في الحياة اتصف كريم بگ بشجاعته وكرمه وورعه وحكمته وسخائه الكبير ولطافة معشره وسماحته وذكائه وحبه للدين والعلم والادب والشعر والثقافة ورعايته لاهلها ، فكان هو نفسه يفرض الشعر وبيحث في التاريخ . وكان يجيد الى جانب لغته الام : اللغتين الفارسية والتركية ونزرا من العربية ، كذلك عرف بالمامه الكبير بانساب العشائر الكوردية عامة وانساب عشائر الجاف خاصة . توفي كريم بگ بكفري في شهر رمضان عام 1949 ودفن في مقبرة سيد خليل (( مقبرة اسرته )) القريبة من كلار فرثاه شعراء كبار امثال پيره ميرد ، وعلي كمال باپير ، وشيخ سلام ، وشيخ احمد شا كه ل . ترك كريم بگ مخطوطة قيمة في تاريخ وانساب الجاف باسم ميزووي جاف – تاريخ الجاف طبعها نجله د. حسن الجاف مع اضافة مقدمة قيمة اليها

كريم بگ مع قسم من فرسان الجاف

كريم بگ مع إخوانه وأقاربه في كلار عام 1938

داوود بگ بن فتاح بگ بن محمد پاشا رئيس قبيلة الجاف

ألأمير الغيور و الجسور داود بگ الجاف المولود بقرية ميره دي القريبة من بلدة دربنديخان عام 1905 هو أصغر أبناء فتاح بگ بن محمد پاشا الجاف ، وقد أستلم داود بگ رئاسة قبيلة الجاف خلفا لاخيه الاكبر كريم بگ بعد وفاته عام 1949 ، والمتأصل لسيرة حياة هذا الامير المحبوب سيراها حافلة بخصاله الحميدة ومآثره ومفاخره المشهودة التي حفلت سنوات عمره الثري . لقد اتصف داود بگ بشخصيته الجذابة ، وشجاعته الفائقة وسخائه الكبير وورعه الصدق ودفاعه عن الحق ولطافة معشره وكلامه اللطيف ، كما عرف باخلاصه الوطني والقومي وحبه الكبير لشعبه الكوردي ووطنه كوردستان وسعيه الدائم الى توحيد صفوف الفئات والجماعات السياسية الكوردية ونبذه لكل عوامل الفرقة والانقسام بين ابناء شعبه الواحد مؤمنا ايمانا راسخا بأن مظاهر الاختلاف والشقاق والنفاق هي من الاسباب الرئيسية التي تقف أمام تقدم الشعب الكوردي وتأمين حقوقه وتقرير مصيره . وإذا أردنا أن نحصي مجمل الاحداث والذكريات والمواقف والمبادرات المشهودة التي حفلت بها سيرة داود بگ ، فإننا سنحتاج حتما الى دراسة طويلة مستفيضة تحتاج الى المزيد من الجهد والوقت ، ولكنه لابأس هنا أن نشير الى بعضها في هذا المجال لنغني به عرضنا الموجز عن سيرة هذا الامير الشهم ، فنشير أولا الى وقفته الوطنية والقومية الباسلة (( مع أخوته )) من نضالات الشيخ محمود الحفيد – ملك كوردستان ومساندتهم ودعمهم له بشكل خاص أثناء انتفاضته الاخيرة التي اندلعت أواخر عام 1930 .

فقد شارك داود بگ بصحبة شقيقه الاكبر كريم بگ رئيس الجاف وابن أخيه محمد أمين بگ بن كريم بگ (( مينه جاف الشاعر )) مع العشرات من مقاتلي قبيلتهم في معركة ئاوباريك البطولية جنبا الى جنب الشيخ الحفيد وبعض الذين قدموا معه من مرافقيه ومضيفيه من أهل قرية ئاوباريك وعلى رأسهم الشيخ مجيد الطالباني صاحب تلك القرية الواقعة في منطقة گل. ففي يوم 5 نيسان 1931 إندلعت تلك المعركة التاريخية بين الثوار المذكورين وقوة حكومية كبيرة مؤلفة من الجنود والشرطة والمرتزقة مجهزة بمختلف أنواع الاسلحة والاعتدة ومدعومة جوا بالطائرات الحربية البريطانية التي بدأت بقصف القرية بلا توقف . ورغم تفوق العدو في العدد والعدة الى حد كبير وامتلاكهم لعنصر المباغتة ، فإن الثوار أفلحوا في مساء ذلك اليوم من كسر طوق العدو والافلات من المكيدة التي دبرت ضدهم بإحكام مخلين جرحاهم وشهدائهم وذلك بعد معركة شرسة استمرت عدة ساعات حافظوا خلالها على مواقعهم وكبدوا العدو عددالا كبيرا من القتلى والجرحى وأسقطوا واحدة من طائراته الحربية ، وبهذا سجل الثوار ملحمة بطولية رائعة بشجاعتهم واقدامهم ودماء شهدائهم وجرحاهم ، وننوه هنا بالشجاعة الفائقة التى أبداها داود بگ (( شأنه شأن شقيقه كريم بگ ونجله محمد أمين بگ )) في معركة ئاو باريك وبرزهخلالها بالشكل الذي أثار اعجاب الشيخ الحفيد وثنائه الكبير فمدحه بعبارته الحماسية الشهيرة : إن داود أسد .. أسد .. لما لا تذكرون ؟! . كما تميز داود بگ بكونه اكثر نواب لواء كركوك حضورا في المجلس النيابي العراقي (البرلمان في العهد الملكي ) اذ تمتع بعضويته فيه طيلة 9 دورات انتخابية كاملة خلال عقدي الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي . هذا اضافة الى نشاطاته النضالية في صفوف حزب هيوا (939 _1945) الى جانب غيره من اعضاء الحزب المذكور في منطقة گه رميان وبضمنهم شقيقه كريم بگ وعدد من بگزادة الجاف . وقد استضاف داود بگ في داره ب( كلار) احد اجتماعات ( هبوا ) صيف عام 1944 كرس لانهاء الخلافات و الصراعات الداخلية في صفوفه ، فتمخض عن نتائج ايجابية .

أما على صعيد حياته النيابية فإن داود بگ عرف بكونه نائبا غيورا جسورا كرس جل طاقاته من أجل نصرة الحق والدفاع عن مصالح ومطالب شعبه الكوردي ، فنشير هنا الى وقفته الشجاعة مع نخبة من النواب الكورد للدفاع عن الضباط الكورد الاربعة الشهداء (( عزت ، خوشناو ، خير الله ، قدسي )) والذين نفذ فيهم حكم الاعدام ظلما وجورا يوم 19/6/1947 .

وعرف عنه أيضا بتقديره لرجال العلم والفكر والدين الذين حرص على الاستماع الى آرائهم ومقترحاتهم وطلباتهم ومن ثم عرضها في أروقة مجلس النواب العراقي وخصوصا المتعلقة منها بشؤون المنطقة ، فقد فقد دأب داود بگ التردد الى هؤلاء ومخطبتهم بقوله : أكتبوا ما تريدون .. وأنا مستعد لإيصال صوتكم الى المجلس ..! ومن الجدير ذكره أيضا أن داود بگ وعدد من زملائه النواب قدموا مقترحا الى الحكومة طالبين منها إقرار نوع من الاستقلال وتقرير المصير للكورد وذلك في اعقاب اعلان الإتحاد الهاشمي بين العراق والاردن .

كذلك شهدت قصبة كلار بفضله جملة من الخدمات والإنجازات الحضرية والمدنية والعمرانية كالمستوصف ومكتب البريد والبرق والهاتف ومدارس ... الخ . وعلى أثر قيام ثورة 14 تموز 1958وتفشي الفوضى والاظطرابات في البلاد وتزايد نفوذ الحزب الشيوعي في الحكم ، قرر داود بگ مغادرة العراق مؤقتا لحين تحسين الأوضاع ، فتوجه مع أسرته عام 1959 الى ايران حيث حظي بالحفاوة والتقدير من لدن الشاه واستقر في البداية في مدينة كرمانشاه قريبا من مناطق قبيلته القاطنة في إيران . وأثناء تواجده في إيران إندلعت ثورة أيلول المجيدة في كوردستان العراق (( عام 1961 )) والتي إندلعت شرارتها الأولى في قصبة دربن ديخان الواقعة ضمن مناطق قبيلة الجاف في العراق ، وقد سعى داود بگ للإطلاع على أخبار الثورة في موطنه كوردستان العراق ومعرفة مستجداتها ودعمها ومساندتها حسب الامكان . وفي تلك الاثناء أرسل اليه البارزاني الخالد رسالة خطية مطالبا اياه فيها بالإتصال بشاه إيران بهدف مساعدة الحركة االكوردية وتأمين الدعم الإيراني لها ، وعرض داود بگ الموضوع على الشاه في إحدى لقاءاتهما عارضا عليه دعم الثورة الكوردية بزعامة البارزاني ، فأجابه الشاه بعدم رغبته في ذلك بدعوى موالاة البارزاني للشيوعية ، فطمأنه داود بگ بأن الملا مصطفى صاحب مبادئ قومية ووجهات نظر سياسية خاصة به وبعيدة تماما عن أي ميول شيوعية !.

وكان لهذا اللقاء وغيره أثر طيب في الموضوع ، وشهدت الفترة اللاحقة تنامي التعاون والتنسيق بين الحكومة الإيرانية والحركة الكوردية التي بدأت تفرض سيطرتها على معظم مناطق كوردستان العراق . وبعدما انشقت جماعة كبيرة من قياديي الحركة الكوردية عن البارزاني عام 1964 ولجأوا الى إيران مضطرين وبدأو هناك بتنظيم قواتهم وصفوفهم ، إرتأى هؤلاء إيجاد شخصية معروفة لحركتهم لينافسوا بها البارزاني ، فوقع إختيارهم على داود بگ ورأوا فيه الشخص المناسب لذلك الدور . وهكذا زار القياديون المنشقون السادة : إبراهيم أحمد وحلمي علي شريف وعمر مصطفى وغيرهم ، داود بگ الجاف وعرضوا عليه الموضوع وتناقشوا معه طويلا بصدد مطلبهم غير إنه لم يقتنع بمقترحاتهم ووجهات نظرهم ، بل سعى الى تنبيههم بحساسية ومخاطر تلك المرحلة بالنضال القومي الكوردي وحثهم على الإتفاق مع قيادة الثورة وتجاوز السلبيات والثغرات وتأجيل الإختلافات الفكرية والعقائدية الى وقت آخر . وأخيرا انتقل داود بگ بسبب المرض من كرمانشاه الى طهران بقصد مواصلة العلاج هناك ،غير أن العلاج لم يجد نفعا ، فانتقل الى جوار ربه الكريم عام 1966 ونقل جثمانه ، بناء على وصيته ، الى مهده الأصيل فدفن خلال تشييع رسمي وجماهيري مهيب في مقبرة العائلة (( مقبرة سيد خليل )) الى جوار جده الأكبر محمد پاشا الجاف وغيره من بگزادة الجاف . وانجب داوود بيك الجاف تسعة أبناء وأربعة بنات .

داوود ببك الجاف مع نوري سعيد رئيس الوزراء العراقى واحمدمختار بابان وضياء جعفر و سعيد قزاز وعدد من الوزراء في مجلس النواب

داود بگ الجاف مع الملك فيصل الثانى و الوصى

داود بگ الجاف مع شاه ايران – محافظة كردستان الأيرانية

نوزاد. سرچل.دارا. سردار. سالار. سربست. ثروت. سرياس . شهريار

سرگل – گلاويژ – تابان - خورشيده

مع الملك فيصل الثاني

مع جماعة من النواب البرلمان العراق – 1956

مع جماعة نواب أردنين و عراقين – عمان أردن – 1958

With his son

الأمير سردار بگ الجاف (( الرئيس العظيم لقبيلة الجاف ))

الأمير الشهم سردار بگ الجاف هو واحد من ألمع أمراء قبيلة الجاف الكبيرة العريقة على مر تاريخها الطويل العريق ، بل هو أبرز أمراء الجاف المعاصرين ألقا وصيتا ونبوغا وتأثيرا . ولد سردار بگ وهو النجل الأكبر للأمير داود بگ رئيس قبيلة الجاف ، ووالدته السيدة الفاضلة خاوربنت الشيخ محمد الطالباني من أحفاد المرشد الديني الكبير والاديب والشاعر الشيخ عبد الرحمن الطالباني ، ولد بتاريخ 5\3\1937 في قرية كلار التابعة آن ذاك الى قضاء كفري ضمن لواء كركوك ، حيث نشأ وترعرع في أحضان أسرته المهيبة (( بگزاده الجاف )) وفي رعاية والده الأمير الغيور داود بگ الجاف أسد معركة ((ئاو باريك )) التاريخي الشهيرة (( عام 1931 في گه رميان )) والنائب في البرلمان عن لواء كركوك طيلة تسع دورات انتخابية كاملة (( خلال عقدي الأربعينات والخمسينات من القرن الفائت)) ، فتربى منذ نعومة أظفاره على العادات والتقاليد الكوردية الأصيلة ومحبة أمته وشعبه وقبيلته بوفاء وإخلاص . قضى سردار بگ طفولته في كلار، أي في قلب سهوب گه رميان الدافئة ، قريبا من سور وجدان قلعة جده الاكبر محمد پاشا الجاف (( قلعة شيروان الخالدة )) المطلة على نهر سيروان (( ديالى )) البهي الخلاب ، فتشبع منذ صغره بنسمات سيروان العذبة وعبق التاريخ المنبعث من قلعة السلف الاصيل وأفتتن بسحر أجواء وسهوب وتلال وأودية گه رميان وغزلانها الرشيقة الجميلة وصباحاتها وأمسياتها الساحرة . أكمل سردار بگ دراسته الإبتدائية في قرية كلار ثم المتوسطة في كفري وخانقين ، بعدها توجه الى بغداد العاصمة ليواصل دراسته الإعدادية ويتقن هناك اللغة العربية ، ثم سافر الى لبنان لمواصلة تعليمه فقضى شطرا من حياته في بيروت في هذا السبيل . وقد عرف سردار بگ وهو في مقتبل شبابه في تلك الظروف بشخصية قوية جذابة وأخلاق وسجايا فاضلة دلت على أنه سوف يحظى مستقبلا بمكانة مرموقة على صعيد أسرته وقبيلته ومجتمعه بأسره ، وهو الذي داب مبكرا على مصاحبة والده في مجالسه وتجواله وتعلم الكثير من الآداب والأصول والسجايا الحميدة منه ، وبالمقابل كان داود بگ يعد إبنه سردار بگ ليكون شخصية إجتماعية كفوءة لامعة يتولى من بعده رئاسة قبيلتهم الكبيرة المنتشرة في كوردستان الجنوبية والشرقية (( في العراق وأيران )) . التحق سردار بگ بخدمة العلم بعد عودته من بيروت ، فسيق الى معسكر منصورية الجبل القريب من شهربان (( ضمن محافظة ديالى )) ، ثم ألحق هناك باللواء العشرين بأمرة الزعيم عبد الكريم قاسم ، فصادف في تلك الفترة العديد من ضباط الجيش العراقي الذين كان يدعوهم أثناء إجازاته الى قصبة كلار للتمتع بضيافة أسرته الكوردية النبيلة وممارسة صيد الغزلان التي كانت تكثر في منطقة كلار (( وما تزال الى حد ما )) . وبعدما تسلم عبد الكريم قاسم مقاليد الحكم في العراق (( عقب ثورة 14 تموز 1958 )) ، حظيت أسرة بگزادة الجاف وفي مقدمتها داود بگ ونجله الأكبر سردار بگ بالإحترام والتقدير من لدن قاسم ، إلا أن أجواء الفوضى والإضطراب والصراع التي سادت العراق في ظل الجماعات والأحزاب السياسية العراقية المختلفة التي نشطت آنذاك ، جعلت داود بگ يفكر في مغادرة الوطن لحين استقرار الأوضاع وإعادة الهدوء الى ربوعه وهكذا شاور داود بگ نجله سردار بگ فوافقه الرأي على ذلك ، وعندئذ طلب منه الاتصال بالحكومة الإيرانية بصدد إنتقالهم الى هناك ، فتقبل شاه ايران عرضهم بهذا الخصوص برحابة صدر .

وعلى الفور بوشر بالتخطيط لإجتياز الحدود والتوجه لإيران من قبل أفراد أسرة داود بگ ، فوضعوا في مسير عبورهم مسلحين من أفراد قبيلتهم لتأمين وصولهم ، وتولى سردار بگ بنفسه قيادة سيارة اللاندروفر التي أقلتهم الى هناك . وشاءت الأقدار أن تطلع (( قوات المقاومة الشعبية )) الموجودة في خانقين على خط إجتياز أسرة داود بگ للحدود ، فحاولت التصدي لهم ومنعهم من العبور ودارت بسبب ذلك معركة عنيفة بين المقاومة الشعبية ومسلحي الجاف أودت بمقتل وجرح البعض من الطرفين ، واستطاع سردار بگ بجرأته ومهارته أن ينقل أفراد أسرته الى الجانب الآخر من الحدود بسلام . إستوطن داود بگ وأسرته في مدينة كرمانشاه القريبة من مناطق إستيطان قبيلة الجاف هناك ، (( أي ما يسمون بـ جاف جوانرود )) فقوبلوا بالرعاية و المودة و الاحترام ، وبناء على إقتراح البلاط الشاهنشاهي الإيراني أرسل سردار بگ الى طهران لإكمال دراسته في كلية الحقوق /جامعة طهران ، فقدر له أثناء دراسته الجامعية أن يعيش الكثير من التجارب والمواقف السياسية والإجتماعية ويتعرف على العديد من الطلبة الجامعيين في طهران العاصمة وبضمنهم نخبة من الطلبة الكور الذين برزوا فيما بعد كشخصيات كوردية لامعة ولعبوا دورا سياسيا وثقافيا وإجتماعيا هاما في تاريخ شعبهم المعاصر، ونذكر منهم : علي القاضي ابن الشهيد المرحوم القاضي محمد رئيس جمهورية كوردستان (( مهاباد )) المغدورة ، وصلاح الدين مهتدي ابن الحاج عبد الرحمن اغا ايلخاني زادة وسوارة ايلخاني زادة الشاعر الكوردي المعروف حسن بابا طاهري و مصطفى اسحاقي ومحمد أمين سراجي وأمير القاضي وحق انديش وعبد الله سنندجي وغيرهم .

السيد سردار بگ الجاف مع أصدقائه فى جامعة طهران ( 1965 )

ولقد بذل هؤلاء الطلبة جهودا كبيرة في مجال تثقيف وتنوير الطلبة الجدد وحثم على النضال والسعي من أجل شعبهم الكوردي وحقوقه القومية العادلة ، فشكلو في هذا السبيل خلايا سياسية وطنية فاعلة ، وقد عمل وتعاون سردار بگ مع هؤلاء الطلبة بجد وإخلاص وأخذ يدرس ويراقب من هناك عن كثب مستجدات الأوضاع السياسية في كوردستان إيران . كما شرع بمرافقة الصحفيين الأجانب الى كوردستان العراق مخاطرا بحياته ومستقبله ومستقبل أسرته في سبيل إيصال صوت الحركة الكوردية الى جميع انحاء العالم واستمر بهذا النشاط القومي السديد الى أن شهدت الحركةالتحررية الكوردية أوج إزدهارها وذاعت في العالم أخبار نضالاتها وانتصاراتها بقيادة الزعيم المناضل الملا مصطفى البارزاني . ولم يمض وقت طويل على اندلاع ثورة ايلول المجيدة بقيادة البارزاني الخالد وسيطرة مناضلي ومقاتلي الحزب الديمقراطي الكوردستاني على مناطق شاسعة من كوردستان العراق ،حتى برزت خلافات حادة بين البارزاني الخالد وعدد كبير من قيادة البارتي ، وما لبث ان اجبر المنشقون الذي كان يقودهم السيد ابراهيم احمد وبضمنهم جمع من السياسيين والمثقفين والقادة المعروفين الى اجتياز الحدود العراقية – الايرانية واللجوء الى ايران ( عام 1964 ) وكان بينهم على سبيل المثال لا الحصر السادة : جلال الطالباني وحلمي على شريف والملا جميل الروزبياني و علي العسكري وعمر مصطفى (عمر دبابة ) وغيرهم ، وقد انتقل هؤلاء القياديون الى طهران العاصمة فيما تجمعت قوتهم في معسكر لا جئين قرب مدينة همدان الايرانية . وفي تلك الظروف تطورت علاقات الصداقة والمودة بين سردار بگ الجاف وهؤلاء القياديين اللاجئين كثيرا وفي مقدمتهم السيد جلال الطالباني الذي كانت تربطه به علاقة عائلية ، فأخذوا يقضون معظم أوقاتهم بالمطالعة في مكتبة كلية الحقوق بجامعة طهران وسرعان ما بدأت الضغوط تمارس على الحكومة الايرانية من جانب البارزاني الخالد لاخراج أفراد هذه الجماعة من أيران وأخذ السافاك الإيراني (( جهاز المخابرات الأيرانية )) يخطط لإلقاء القبض عليهم وتحويلهم الى البارزاني . فعرض السيد الطالباني ، أحد ابرز هؤلاء المطلوبين ، الامر على سردار بگ وتناقش معه في الموضوع طالبا منه مساعدته ، فرد سردار بگ عليه بكل ايجاب ورحابة صدر رغم خطورة الموقف ،وسافر من أجل ذلك المدينة كابل عاصمة أفغانستان بهدف الحصول على جواز سفر (( بإسم آخر )) للسيد جلال الطالباني لدى إبن عمه (( ابن عم سردار بگ )) السفير العراقي بأفغانستان آنذاك ، على وبعد الحاح كثير من سردار بگ على ابن عمه السفير وافق هذا على مطلبه ، واستطاع السيد الطالباني الخروج من إيران سالما بذلك الجوازونجاته من الخطر المحدق بحياته . حصل سردار بگ على شهادة البكالوريوس في الحقوق من جامعة طهران ، ثم واصل هناك تعليمه العالي فنال شهادة الماجستير في العلوم السياسية بدرجة شرف وكان موضوع رسالته القضية الكوردية . وجنبا الى جنب تعليمه العالي ، أولى سردار بگ اهتماما خاصا بتطوير ثقافته الذاتية فاطلع على الكتب السياسية والابداعات الادبية العالمية ونتتجات الادب الكلاسيكي الكوردي والفارسي والشرقي وغيرها . عين سردار بگ برتبة مستشار في شركة النفط الوطنية الايرانية ، وكان هذا المنصب لا يرقى الى مستوى طموحاته الشخصية والسياسية الواعدة فطلب من شاه ايران تعيينه في بلاطه الملكي فتحقق له ما اراد . وما لبث ان اقيمت في تلك الظروف الاعياد والاحتفالات الملكية بمناسبة مرور 2500 سنة على قيام النظام الشاهنشاهي (( الملكي )) في إيران ودعي اليها ملوك ورؤساء العالم جميعا . فكلف سردار بگ بمرافقة وضيافة الملوك والرؤساء العرب الذين حضروا المناسبة فأدى المهمة الموكلة اليه على أحسن ما يرام وبالشكل الذي أثار انتباه الشاه ووزير البلاط الشاهنشاهي . وسرعان ما ترقى في وظيفته وأصبح رئيسا لدائرة الاوسمة الشاهنشاهية (( الملكية )) في البلاط ثم رئيسا للتشريفات الملكية في الشرق الاوسط ، ثمى (( وبسرعة )) صار المرافق الاول لشاه إيران فكان يرافقه في كل زياراته الى البلدان العربية ويحضر معه جميع المراسيم الرسمية في القصر الشاهنشاهي فكان يقضي الكثير من وقته في مكتب الشاه اسبوعيا ،

وبهذا استمر نجم الامير الشاب سردار بگ بالسطوع والالق بشكل مضطرد وأصبح يحظى بكثير من الاحترام والتأثير على صعيد الواقع السياسي والاجتماعي الايراني ، وارتبط كذلك بعلاقات متينة وقوية مع العديد من شخصيات واعلام الكورد على صعيد ايران والعراق وغيريهما وبضمنهم عدد كبير من قادة وكوادر ثورة أيلول المجيدة وأصبح منزله الكريم في العاصمة طهران وفي رعاية زوجته ورفيقة دربه المخلصة السيدة مريم خان بنت الزعيم الشهيد ، القاضي محمد مأوى الضيوف والزوار وطالبي الحاجات على إختلاف شخصياتهم وإنتماءاتهم وقومياتهم من داخل ايران وخارجها .

وإضافة الى وظائفه ومشاغله الحكومية الرسمية ، إهتم سردار بگ إهتماما خاصا بامور الزراعة والصناعة فأقام بمشاركة إخوانه مؤسسات إنتاجية صناعية وزراعية ناجحة للغاية عدت من أفضل وأحسن المؤسسات الموجودة من نوعها في طول ايران وعرضها وأمنت الرزق للعيش للعديد من الموظفين والعاملين ... وبعدما انتكست ثورة أيلول المجيدة أثر إتفاقية الجزائر المشؤومة (( عام 1975 )) سخر سردار بگ جل طاقاته وامكاناته في سبل نجدة ابناء شعبه الكوردي من قادة وكوادر ومقاتلي وجماهير الثورة الذين لجأوا مع عوائلهم الى ايران واسكنوا في مخيمات اللاجئين في مناطق سربيل زهاب وروان سر وغيرها . وبضمنهم عوائل البارزاني الخالد وعدد من قادته الذين اسكنوا معا في منطقة (( عظيمية كرج )) قرب طهران . وقد تفقد سردار بگ وأخوته معسكرات اللاجئين في مختلف مناطق ايران وقدموا لهم كل ما يستطيعون من المساعدة والعون ، كما طلبوا من الحكومة الايرانية توفير وسائل ومتطلبات عيشهم ومعالجة مشاكلهم في ذلك الظرف العصيب ، غير أنهم ضلوا يعانون المرارة وضنك العيش بسبب تقصير الحكومة الايرانية بحقهم من جهة وكثرة عددهم من جهة أخرى . كما زار في تلك الظروف نجلا الملا مصطفى البارزاني الفقيد أدريس البارزاني والسيد مسعود البارزاني ، زارا سردار بگ في مكتبه الواقع بمنطقة (( ونك )) الواقعة شمالي غربي طهران فنقلا اليه بأن والدهما يريد مقابلته ، وهكذا تجهوا معا اليه في منزله بمنطقة عظيمية كرج ، وهنك طلب البارزاني من سردار بگ اسكان ما يقارب 200 عائلة بارزانية من مقربيه ومن حمايته الخاصة ممن كانوا يعيشون ظروفا معيشية صعبة في كاشان ويزد ، في مزارعه . وبرغم معارضة الحكومة الايرانية لهذا العرض فان سردار بگ وشقيقه سالار بگ الجاف العضو في البرلمان الايراني أصرا على الاستجابة لذلك الطلب فوافقت السلطات الايرانية بدورها عليه أخيرا . وبذلك انتقلت العوائل المذكورة الى مؤسسات سردار بگ واخوته في منطقة (( خرم دره )) الكائنة في الشمال الغربي من العاصمة حيث تهيأت لهم هناك فرص العمل والسكن والحياة الكريمة . كما زار سردار بگ سيادة البارزاني الخالد مرارا أثناء مرضه الاخير وقبل سفره للولايات المتحدة لغرض العلاج ، وقد حث سيادته وهو على فراش المرض ، سردار بگ على بذل كل ما يستطيع لمساعدة اخوته اللاجئين الى الاراضي الايرانية ،كما أوصاه بأن يعد أبنائه (( أي ابناء البارزاني الخالد )) أخوته ويعاملهم على هذا الاساس ، فضل سردار بگ طيلة حياته وفيا مخلصا لهذه الوصية العزيزة وهو يكن خالص المودة والتقدير لافراد هذه الاسرة المناضلة النبيلة . وكان الموقف المشهود والمسؤول الذي سلكه سرداربگ واخوته من اللاجئين الكورد (( العراقيين )) عامة والبارزانيين خاصة محط ثناء وعرفان البارزاني الخالد الذي نذر حياته وطاقاته كلها لخدمة الكورد وكوردستان . وفي عام 1979 وبسبب ما تعرض له سردار بگ وأخوته وأقاربه من صنوف الغدر والتنكيل والاجحاف من لدن النظام الجديد في ايران تركوا طهران وأقاموا وسط قبيلتهم في ايران وشرعوا بمقارعة النظام الايراني ، ثم غادروا ايران عائدين الى العراق يصحبهم الالوف من أتباعهم من أبناء الجاف القاطنين في المناطق الغربية من ايران وغيرهم من ابناء العشائر الكوردية الايرانية المتحالفة معهم . وخلال أشهر قليلة تمكن سردار بگ من تجهيز وتسليح قوة كبيرة من اتباعه القادمين معه قوامها 10000 مقاتل ((من الجاف والمتحالفين معهم من عشائر گوران والقلخاني والكلهور ... )) فخاضوا نضالا مسلحا دؤوبا ضد النظام الايراني الجديد (( الجمهوري الاسلامي )) الذي عامل شعبنا الكوردي وسائر المناضلين والاحرار في أيران بالحديد والنار ، ووجهوا اليه ضربات موجعة ومؤثرة للغاية .

وأضحت قوات سردار بگ سدا منيعا امام سلطة الملالي في ايران وبالاخص في المناطق الغربية وسائر ارجاء كوردستان منها ، حتى اضطر السيد خرازي ممثل ايران الدائم في الامم المتحدة آنذاك أن يعلن في احدى جلسات المنظمة الدولية : أن العراق يدعم سردار الجاف لخلق الاضطرابات في غرب ايران والهجوم على المعسكرات والمدن الايرانية واشاعة الدمار فيها (( حسب قوله )) مطالبا الامم المتحدة بالضغط على الحكومة العراقية على التخلي عن ذلك النهج والتوقف عن اسناد ودعم سردار الجاف ونشاطاته المسلحة الواسعة في كوردستان ايران . لكن سردار بگ واصل نشاطه المسلح الجرئ داخل الحدود الايرانية وبسط مع مقاتليه نفوذهم من منطقة عيلام الى منطقة مريوان ومدينة سقز ، بل وان ايديهم بدأت تصل الى داخل العاصمة الايرانية (( طهران نفسها )) وأصبحوا يقلقون النظام كثيرا ويشكلون نقطة البداية لاسقاطه . وجنبا الى جانب نشاطه العسكري المسلح ، بذل سردار بگ نشاطا سياسيا مكثفا في السياق نفسه ، على الصعيدين الداخلي والخارجي ، لاسيما في اورپا والولايات المتحدة الامريكية ، فعرف كواحد من انشط وابرز قادة المعارضة الايرانية في تلك الفترة. وحدث أن اتصل به في تلك الفترة السيد شاهپور بختيار رئيس وزراء ايران الاسبق والمعارض للنظام الجديد ، للتنسيق معه ومع مجموعة من الوطنيين وضباط القوة الجوية المناوئين لنظام الملالي من منتسبي قاعدة (( شاهرخي )) الجوية قرب مدينة همدان ، بصدد طرح خطة سرية لاسقاط النظام ، حيث طالبه بختيار بتكثيف عملياته العسكرية في المناطق الحدودية وغيرها من المناطق التي كان له نفوذ فيها لتضليل النظام الايراني وفع قواته الى المناطق الحدودية لمهاجمة القوات المهاجمة (( قوات سردار بگ )) حتى يتسنى للقوات الجوية المشاركة في الخطة المذكورة بالهجوم على مراكز السلطة في طهران وسواها من المدن الايرانية وبالتالي اسقاطها . وبالفعل أستجاب سردار بگ لمطالب شاهپور بختيار والضباط الاحرار فأمر قواته بمهاجمة الحرس الثوري الأيراني لعشرة أيام متواصلة ملحقين بهم خسائر فادحة فسيطروا على 15 مخفرا حدوديا ثم واصلوا هجومهم على قوات النظام في مدن گيلان غرب وقصر شيرين وسرپيل زهاب وكرند وشاه آباد غرب وپاوة وجوارها فارعب ذلك حكام طهران كثيرا . وللأسف الشديد بائت الخطة بالفشل بالنظر لانكشافها فعتقل الكثير من المناضلين وبضمنهم العديد من الضباط وضباط الصف واعدم أكثر من 250 شخصا من ضباط وطياري القوة الجوية الإيرانية . وفي عام 1983 وبينما كانت الحرب العراقية – الايرانية على أشدها طالبت السلطات العراقيين التي كانت تتعرض في الداخل أيضا لضربات شديدة من جانب الثوار الكورد (( الپيشمرگه )) طالبت سردار بگ بنقل مقاتليه من الحدود الى داخل العراق ضمن قاطع قرداغ , وذلك تمهيدا لاستخدامهم وفق مآربها وبالضد من النضال الكوردي المسلح في الداخل ، فرفض سردار بگ ذلك لمخطط بحزم مؤكدا بأن مهمته وانصاره تنحصر بالقتال على الحدود ضد النظام الايراني باعتبارهم فصيلا ايرانيا معارضا وليس مقبولا من قبلهم لممارسة أي نشاط يتعارض وذلك النهج . فأصدر النظام العراقي أوامره بتجريد مقاتلي سردار بگ من أسلحتهم ونقلهم مع عوائلهم الى معسكرات اللاجئين في الرمادي والحلة ليقاسوا الآلام والبؤس طويلا ، فيما استقر سردار بگ واخوته وعوائلهم في بغداد . بعدئذ انشغل سردار بگ بالنشاطات الاقتصادية والتجارية الخاصة ، فحقق في هذا الميدان بحنكته وحسن ادارته وعقله الراجح وسمعته الطيبة في الداخل والخارج وأسفاره الى الخارج ، حقق نجاحا عمليا باهرا وذلك برغم كل المضايقات والعراقيل التي عمد بض أركان النظام البائد على افتعالها ضده والحاق الخسائر المادية الفادحة به عن قصد واصرار . كما تعرض بعض اخوته واقاربه الى الملاحقات واوامر السجن الصادرة بحقهم بشتى الاعذار ، فهاجر بعضهم الى خارج الوطن فيما لاذ بعضهم الاخر بـ كوردستان المحررة . ورغم كل الظروف والوقائع الصعبة التي احاطت به في العراق لا سيما في عقد التسعينات من القرن الفائت ، فإن سردار بگ ظل رابط الجأش ، صابرا ، متجلدا ومحتفظا بمهابته وألقه وصيته الكبير كرئيس لقبيلة الجاف في العراق وايران وكشخصية وطنية وقومية وعالمية عالية المقام وعلى قدر كبير من الحكمة والهدوء والكرم والذكاء والدهاء والحلم والشجاعة وبعد النظر ورحابة الصدر وطيب القلب وحلاوة المعشر ، هذا فضلا عن ثقافته الواسعة واسلوب حواره الهادئ المقنع اللطيف واجادته التامة للغات الفارسية والعربية والانكليزية الى جانب لغته الام الكوردية . بذل سردار بگ جهودا حثيثة بعد تحرير العراق عام 2003 ، من أجل خدمة ابناء شعبه الكوردي وقبيلته الجاف في ظل الظروف و المستجدات السائدة في العراق الجديد ، وهو الذي لم ينفك لحظة عن الاتصال والتعلق بهم وزيارتهم حسب الامكان رغم الظروف الصعبة والمعروفة السائدة في عهد نظام البعث قبل سقوطه واندحاره .

وكان من امانيه الكبيرة ان يرى قبيلته الجاف تمارس دورها اللائق على صعيد الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي في كوردستان والمنطقة بوصفها أكبر قبيلة كوردستان الجنوبية قاطبة وصاحبة الامجاد والمآثر الكبيرة في تاريخنا الوطني والقومي . ومن هذا المنطلق بادر واعتمادا على امكاناته الذاتية الى عقد مؤتمر قبيلة الجاف والعشائر المتحالفة معها في اربيل ، عاصمة اقليم كوردستان بتاريخ 2/10/ 2004 وقد حقق المؤتمر المذكور نجاحا منقطع النظير وحضره اضافة الى ممثل الرئيس مسعود بارزاني وعدد كبير من المسؤلين الحزبيين والاداريين والعسكريين في المنطقة ، الالوف من ابناء الجاف وسواهم من مختلف مناطق كورستان والعراق . وبعد هذا المؤتمر المشهود أصيب الامير سردار بگ بمرض شديد مفاجئ ، فسافر بصحبة افراد اسرته الكريمة الى الخرج مرتين (( في غضون بضعة اسابيع)) لغرض العلاج لكن قدرة الباري شائت ان يفارق الحياة بعيدا عن الوطن بتاريخ 20\7\2005 بالولايات المتحدة وهو يتلقى العلاج ، فأعيد جثمانه بطائرة خاصة الى مطار السليمانية حيث كانت باستقباله حشود جماهيرية ضخمة من مختلف مناطق البلاد وبحضور ممثلي السيدين جلال الطالباني رئيس الجمهورية ومسعود البارزاني رئيس أقليم كوردستان وعدد كبير من المسؤلين الحكوميين والحزبيين في الاقليم ، ثم نقل الفقيد في موكب مهيب ضم طابورا طويلا من السيارات صوب كلار مهد الفقيد فوري جثمانه الارض العزيز التي انجبته وقيمت له في دار مصطفى بگ الراحل وبجوار قلعة شيروان وضفاف نهر سيروا ن الخير مراسم عزاء مهيبة كما اقيمت بالمناسبة مظاهر عزاء وحداد عدة في خارج الوطن من قبل اقارب ومعارف واصدقاء الراحل الكبير ، وتوالت برقيات التاعازي وعبارات الحداد والتأبين من كل حدب وصوب ، وهكذا رحل الامير سردار بگ عن الدنيا وبرحيله فجعت اسرته بگزادة الجاف وقبيلته الكبيرة وابناء شعبه الكوردي والعراقي وجميع معارفه في مشارق الارض ومغاربها بفقدان هذه الشخصية اللامعة والمرموقة .

ولاشك ان غياب سردار بگ وفي هذا الوقت بالذات يشكل خسارة فادحة لأسرته واقاربه وقبيلته الكبيرة لكن عزائنا هو ان زوجتنه الفاضلة ورفيقة دربه المخلصة مريم خان بنت الزعيم القاضي محمد ونجله الشهم داود (( الحاصل على شهادة إدارة وإقتصاد من بريطانيا )) وابنتاه سيران (( خريجة فرع الترجمة ، اللغة الانكليزية / جامعة بغداد )) وسوما (( خريجة كلية الهندسة / الجامعة التكنلوجية / بغداد )) وكذلك سائر اخوته الاكارم وغيرهم من اصلاء اسرة بگزادة الجاف سيسيرون إن شاء الله على خطى أمير الجاف الراحل ويخلدون ذكرياته ومآثره الطيبة وأفضاله العظيمة التي خلدته في الذاكرة .

أمر بتعيين السيد سردار بگ الجاف بعنوان المرافق الأقدم لشاه إيران

فرمان ، تعيين سرداربگ الجاف من قبل محمد رضا شاه بهلوى بالمرافق الأقدم له ( آجودان الأقدم )

السيد سرداربگ الجاف مع السيد مسعود البرزانى

السيد سردار بگ الجاف مع عدد من المقاتلين فى احدى المقرات

صور من إستقبال السيد سردار بگ الجاف من قبل رؤساء الأفخاذ وافراد قبيلة الجاف فى كوردستان بعد سقوط صدام حسين

الامير داودبگ بن سرداربگ الجاف

الامير الشاب داود بگ بن سردار بگ بن داود بگ بن فتاح بگ بن محمد پاشا الجاف ، المعروف بلقبه الذائع المحبب (( سيروان )) ، ولد بمدينة طهران بتاريخ 11 /3/1972 حيث كان يقيم هناك والده واعمامه وعدد كبير من اقاربهم مع اسرهم ، للظروف التي ذكرناها سابقا في سياق هذا الموقع . قضى سيروان بگ سنواته الاولى في ربوع العاصمة الايرانية حيث نشأ وتربى منذ صغره وفي كنف والده الكريم ووالدته الجليلة مريم خان بنت الزعيم الشهيد القاضي محمد ، على الاخلاق والاداب والسجايا الفاضلة والعادات والتقاليد الكوردية الاصيلة وحب الكورد وكوردستان ، فنشأ الامير الفتي (( سيروان بگ )) مخلصا وفيا لمآثر وذكريات ومفاخر أسلافه واجداده العظام وفي مقدمتهم داود بگ امير الجاف الشهم الجسور والزعيم القاضي محمد ، مؤسس جمهورية كوردستان. دخل سيروان بگ المدرسة الابتدائية في طهران وما ان اجتاز الصف الثاني الابتدائي ، حتى عاد مع اهله واقاربه الى العراق بعد تسلم الملالي لمقاليد الحكم في ايران عام 1979 . وبعد استقرارهم في العاصمة بغداد قبل سيروان بگ في الصف الثالث الابتدائي بمدرسة Baghdad International School بعد ان اجتاز اختبارا بهذا الخصوص ، ثم اكمل المرحلة الثانوية هناك ايضا . سافر سيروان بگ الى لندن لغرض اكمال تعليمه العالي فنال هناك شهادت البكا لوريوس في European Business School / قسم الادارة عام 1996 ثم عاد الى بغداد مجددا ليكون قريبا من والده الكريم سردار بگ امير الجاف ويكون ذراعه الايمن في ادارة مشاريعه الاقتصادية والتجارية الكبيرة وتسيير شؤونه القبلية والاجتماعية الواسعة مشاطرا اياه همومه وشجونه وتطلعاته في تلك السنوات الصعبة من عمر العراق في ظل الدكتاتورية المقيتة ، كما اكتسب الامير الشاب من مجالس والده العامرة وتجاربه الغنية في الحياة الكثير من الدروس والعبر والحكم فدلت كل المؤشرات على انه سيكون كما اراد له الوالد ، خير خلف لسلفه الاصيل وهكذا كا فعلا . وقبل تحرير العراق من براثن النظام البائد وبفترة تقارب العامين ، بذل سيروان بگ وبرعاية واشراف وتخطيط والده دوره الهام في معاداة النظام والعمل على اسقاطه فناب عن والده في الاتصال بالجانب الامريكي في هذا المجال ، حيث زار كوردستان المحررة مرارا وتكرارا (( وتحديدا اربيل عاصمة اقليم كوردستان )) وتحت غطاء تنفيذ بعض المشاريع الاقتصادية هناك ، فعقد سلسلة من اللقاءات السرية مع المسؤولين الامريكان في المنطقة بهدف التنسيق والتخطيط لاسقاط النظام البعثي . ورغم اتخاذه لكل الاجرائات الكفيلة بابعاده عن شبهات الاجهزة الامنية العراقية ، فأن سيروان بگ كان موضع ريبتهم ومتابعتهم المستمرة ، وقد تعرض ولمرتين متتاليتين لملاحقة ومساء لة تلك الاجهزة القمعية ، اثناء عودته من كوردستان ، ففي شهر كانون الاول 2002 استدعته وحققت معه مديرية استخبارات المنظومة الشرقية في كركوك وكذلك فعلت معه مديرية مخابرات كركوك في شهر كانون الثاني 2003 ، غير ان كتمانه وحسن تدبيره للموقف ومحافظته على هدوئه ورباطة جأشه فوتت على عناصر تلك الاجهزة النيل منه ، فاطلق سراحه في كلتا المرتين بعد ساعات من احتجازه . واثناء هجوم قوات التحالف على العراق ساهم سيروان بگ الى جانب والده بدور فاعل في تحرير العراق وتقديم العون اللازم لتلك القوات بقيادة الولايات المتحدة . واستمر التنسيق والتعاون متواصلا بين الامير سردار بگ ونجله سيروان بگ والمسؤولين الامريكان بعد تحرير العراق ، وخصوصا السفير بريمر وغيره من القادة العسكريين الامريكان الذين دأبوا على التودد للامير سردار بگ ونجله سيروان بگ وزيارتهما باستمرار . كما انتهج الامير سردار بگ ونجله كاكه سيروان موقفا قوميا مشهودا من القادة الكورد اثناء وجودهم في بغداد في تلك الظروف فقدما لهم كل التسهيلات والمساعدات المطلوبة . وقد زار الرئيس مام جلال ورفاقه و الرئيس مسعود البارزاني والعديد من قادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني بيت سردار بگ في بغداد آنذاك فحظيوا بالقدير والاحترام والمودة . واضافة الى ما ذكر فان سيروان بگ بذل جهدا كبيرا ومشهودا في انجاح مؤتمر قبيلة الجاف والعشائر المتحالفة معها الذي تكفل والده الكريم بعقده في اربيل بتاريخ 2/10/2004 وحقق نجاحا منقطع النظير . ولما اصيب الامير سردار بگ بمرضه المفاجئ بعد المؤتمر المذكور ، سخر سيروان بگ كل طاقاته وجهده للعناية بوالده والسهر على راحته فرافقه في رحلة علاجه الطويلة الى خارج القطر وظل قريبا من الوالد الكريم في الولايات المتحدة الى ان وافته المنية ، في 20/7/ 2005 وبعد انقضاء مراسيم العزاء المهيبة التي اقيمت للأمير الراحل في كلار ، اجتمع ممثلوا اسرة بگزاده الجاف الكبيرة في بيت سرتيب بگ بن محمد امين بگ (( رحمه الله )) فقرروا من حيث المبدأ اختيار الامير الشاب (( سيروان بگ )) رئيسا لقبيلة الجاف بكل بطونها وافخاذها وفروعها خلفا لوالده الراحل على ان يتم استفتاء مماثل على نطاق قبيلة الجاف بهذا الخصوص لاحقا . ولا شك ان اختيار سيروان بگ لهذه المهمة جاء في محله تماما ، فهو الشخص المناسب لهذا الموقع ، واميرنا الشاب يجمع بين شهامة وبسالة وغيرة وجسارة وألق جده الطيب الذكر داود بگ ورزانة وحكمة وخلق وهدوء وسخاء وطيبة معشر والده العزيز سردار بگ ، اضافة الى كونه شابا طموحا مثقفا واسع الاطلاع ويجيد اضافة الى لغته الام ، الانكَليزية والعربية والفارسية وقدرا من الالمانية .. أطال الله في عمره ووفقه في ملء مكان والده الراحل الكبير .

الرئيس الشاب الحالي لقبيلة الجاف

Jaff Tribe

By Dr.Sarwat Jaff
[email protected] [email protected]